فصل: تفسير الآية رقم (69):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (69):

{وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)}
{آوى} {تَبْتَئِسْ}
(69)- وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ، وَمَعَهُمْ أَخُوهُمْ لأَبِيهِمْ، أَحْسَنَ اسْتِقْبَالَهُمْ وَأَكْرَمَهُمْ، وَاخْتَلَى بِأَخِيهِ، وَعَرَّفَهُ بِنَفْسِهِ، وَقَصَّ عَلَيْهِ مَا وَقَعَ لَهُ، وَقَالَ لَهُ إِنَّهُ أَخُوهُ، وَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ لا يَأْسَفَ عَلَى مَا صَنَعُوا بِهِ، وَأَمَرَهُ بِكِتْمَانِ ذَلِكَ عَنْهُمْ. وَأَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ سَيَحْتَالُ لِيَسْتَبْقِيهِ عِنْدَهُ.
آوى إِلَيْهِ أَخَاهُ- ضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ.
فَلا تَبْتَئِسْ- فَلا تَحْزَنْ.

.تفسير الآية رقم (70):

{فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)}
{لَسَارِقُونَ}
(70)- وَلَمَّا أَعْطَاهُمْ يُوسُفُ مَا جَاؤُوا يَسْعَوْنَ إِلَيْهِ مِنَ المِيرَةِ، وَحَمَلُوهَا عَلَى جِمَالِهِمْ، جَعَلَ الوِعَاءَ الذِي يَكْتَالُونَ بِهِ (السِّقَايَةَ) فِي مَتَاعِ أَخِيهِ (رِحْلِهِ) دُونَ أَنْ يُشْعِرَهُمْ بِذَلِكَ، ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ بَيْنَهُمء: يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ القَافِلُونَ بِأَحْمَالِكُمْ، قِفُوا إِنَّكُمْ سَارِقُونَ.
السِّقَايَةَ- إِنَاءً لِلشُّرْبِ اتُّخِذَ لِلمِكْيَالِ.
أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ- نَادَى مُنَادٍ أَوْ أَعْلَنَ مُعْلِنٌ.
العِيرُ- القَافِلَةُ فِيهَا الأَحْمَالُ.

.تفسير الآية رقم (71):

{قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71)}
(71)- قَالَ لَهُمْ إِخْوَةُ يُوسُفَ: وَمَا الذِي ضَاعَ لَكُمْ، وَمَا الذِي افْتَقَدْتُمُوهُ؟

.تفسير الآية رقم (72):

{قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)}
(72)- فَقَالَ غِلْمَانُ يُوسُفَ: افْتَقَدْنَا وَعَاءَ الكَيْلِ الذِي يَتِمُّ بِهِ الكَيْلُ، وَسَنُعْطِي لِمَنْ يَجِدُهُ وَيَأْتِي بِهِ حِمْلَ بَعِيرٍ مِنَ المَؤُونَةِ مُكَافَأَةً لَهُ. وَقَالَ المُؤَذِنُ الذِي يَتَوَلَّى النِّدَاءَ (أَوْ الذِينَ قَالَ ذَلِكَ رَئْيسُ أَعْوَانِ يُوسُفَ): وَأَنَا كَفِيلٌ بِالوَفَاءِ بِهَذَا الوَعْدِ.
صُوَاعَ المَلِكِ صَاعَهُ وَمِكْيَالَهُ، وَهُوَ السِّقَايَةُ.
زِعِيمٌ- كَفِيلٌ بِأَنْ أُؤدِّيَهُ.

.تفسير الآية رقم (73):

{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73)}
{سَارِقِينَ}
(73)- وَلَمَّا اتَّهَمَ الغِلْمَانُ إِخْوَةَ يُوسُفَ بِالسَّرِقَةِ رَدُّوا قَائِلِينَ: لَقَدْ عَلِمْتُمْ وَتَحَقَّقْتُمْ، مُنْذَ عَرَفْتُمونا، أَنَّنَا مَا جِئْنَا لِنَسْرِقَ وَنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ، وَلَمْ تَكُنْ السَّرِقَةُ عَادَتَنا، وَلا هِيَ مِنْ أَخْلاقِنَا.

.تفسير الآية رقم (74):

{قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74)}
{جَزَآؤُهُ} {كَاذِبِينَ}
(74)- فَقَالَ لَهُمْ غِلْمَانُ يُوسُفَ: فَإِذَا كُنْتُمْ كَاذِبِينَ، وَثَبَتَتْ عَلَيْكُمُ السَّرِقَةُ، فَمَا جَزَاءُ السَّارِقِ فِي شَرْعِكُمْ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ السَارِقَ مِنْكُمْ؟ (وَقِيلَ إِنَّ يُوسُفَ هُوَ الذِي أَوْحَى إِلَى غِلْمَانِهِ بِطَرْحِ هذا السُّؤَالِ عَلَى إِخْوَتِهِ).

.تفسير الآية رقم (75):

{قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)}
{جَزَآؤُهُ} {الظالمين}
(75)- قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ: إِنَّ شَرْعَهُمْ يَقْضِي بِأَنْ يُدْفَعَ السَّارِقُ إِلَى المَسْرُوقِ مِنْهُ لِيَسْتَرِقَّهُ، وَيَكُونَ لَهُ عَبْداً. وَهَذا هُوَ الجَزَاءُ عَلَى السَّرِقَةِ الذِي يُنْزِلُونَهُ بِالسَّارِقِ، فِي شَرْعِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (76):

{فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)}
{دَرَجَاتٍ}
(76)- فَبَدَأَ يُوسُفُ بِتَفْتِيشِ أَمْتِعَةِ إِخْوَتِهِ دَفْعاً لِشُبْهَةِ المَكِيدَةِ، وَالتَّدْبِيرِ، ثُمَّ وَصَلَ إِلَى مَتَاعِ أَخِيهِ فَاسْتَخْرَجَ الصَّاعَ مِنْهُ. كَذلِكَ يَسَّرَ اللهُ لِيُوسُفَ طَرِيقَةً لَطِيفَةً يَسْتَطِيعُ بِهَا أَنْ يَسْتَبْقِيَ أَخَاهُ عِنْدَهُ دُونَ أَنْ يُلْفِتَ أَنْظَارَ إِخْوَتِهِ إِلَيْهِ، فَبَعْدَ أَنِ اعْتَرَفُوا أَنَّ شَرْعَهُمْ يَقْضِي بِأَنْ يُدْفَعَ السَّارِقُ إِلَى المَسْرُوقِ مِنْهُ لِيَسْتَرِقَّهُ، لَمْ يَعُودُوا يَسْتَطِيعُونَ المُطَالَبَةَ بِأَخِيهِمْ، بَعَدْ أَنْ وُجِدَ الصَّاعُ فِي رَحْلِهِ. وَلَمْ يَكُنْ يُوسُفُ لِيَتَمَكَّنَ مِنِ اسْتِبْقَاءِ أَخِيهِ لَدَيْهِ لَوْ لَمْ يَهْدِهِ اللهُ إِلى مَعْرِفَةِ شَرْعِ أَبِيهِ يَعْقُوبَ، لأنَّ القَانُونَ المِصْرِيَّ لا يُجِيزُ اسْتِرْقَاقَ السَّارِقِ، وَلَمْ تَكُنْ أَمَانَةُ يُوسُفَ، وَإِخْلاصِهِ لِمَلِكِ مِصْرَ، يُبِيحَانِ لَهُ بِأَنْ يُخَالِفَ قَانُونَ المَلِكِ الذِي فَوَّضَ إِلَيْهِ أَمْرَ تَطْبِيقِهِ وَالعَمَلَ بِهِ.
كِدْنَا لِيُوسُفَ- دَبَّرْنَا لِتَحْصِيلِ غَرَضِهِ.
دِينِ المَلِكِ- شَرِيعَةِ مَلِكِ مِصْرَ أَوْ حُكْمِهِ.

.تفسير الآية رقم (77):

{قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)}
(77)- وَلَمَّا رَأَى إِخْوَةُ يُوسُفَ الصَّاعَ تُسْتَخْرَجُ مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِمْ لأَبِيهِمْ، قَالُوا مُتَنَصِّلِينَ، أَمَامَ العَزِيزِ، مِنْ فِعْلِ أَخِيهِمْ: إِنْ يَسِرْقْ هذا الأخُّ فَقَدْ سَبَقَ لأَخِيهِ يُوسُفَ أَنْ سَرَقَ، فَالسَّرِقَةُ وَرِثَها هَذَانِ الأَخَوَانِ مِنْ أُمِّهِمَا.
(وَقِيلَ إِنَّ يُوسُفَ كَانَ سَرَقَ لِجَدِّهِ لأُمِّهِ صَنَماً وَكَسَرَهُ، وَأَلْقَاهُ فَعَيَّرَهُ إِخْوَتُهُ بِفِعْلِهِ، وَهَذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الحَسَدَ مَا زَالَ فِي صُدُورِهِمْ).
فَاسْتَاءَ يُوسُفُ مِنْ قَوْلِهِمْ هَذا، وَلَكِنَّهُ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَأَسَرَّ الامْتِعَاضَ وَلَمْ يُبْدِهِ لإِخْوَتِهِ، وَقَالَ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ: (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَاناً)، أَيْ أَنْتُمْ أَسْوَأَ مِنْ ذَلِكَ مَكَانَةً وَمَنْزِلَةً مِمَّنْ تُعَرِّضُونَ بِهِ، وَتَفْتَرُونَ عَلَيْهِ، إِذْ أَنَّكُمْ سَرَقْتُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَحَبَّ أَبْنَائِهِ إِلَيْهِ، وَعَرَّضْتُمُوهُ لِلْهَلاكِ وَالرِّقِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ مِنْكُمْ بِمَا تَصِفُونَهُ بِهِ.

.تفسير الآية رقم (78):

{قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78)}
{ياأيها} {نَرَاكَ}
(78)- أَخَذَ إِخْوَةُ يُوسُفَ يَتَرَفَّقُونَ بِهِ، وَيَسْتَعْطِفُونَهُ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَيُّهَا العَزِيزُ إِنَّ لِهَذا الشَّابِّ وَالِدًا عَجُوزاً يُحْبُّهُ حُبّاً كَبِيراً وَيَتَسَلَّى بِهِ عَنْ وَلَدِهِ الذِي فَقَدَهُ، فَخُذْ أَحَدَنَا لِيَكُونَ عِنْدَكَ بَدَلاً عَنْهُ، فَإِنّا نَرَاكَ رَجُلاً مُحْسِناً بِرّاً رَفِيقاً، فَأَتِمَّ إِحْسَانَكَ إِلَيْنَا.

.تفسير الآية رقم (79):

{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)}
{مَتَاعَنَا} {لَّظَالِمُونَ}
(79)- فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ يَكُونُ ظَالِماً إِنْ أَخَذَ بَرِيئاً مَكَانَ مُسِيءٍ. وَبِمَا أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ شَرْعَهُمْ يَقْضِي بِأَنْ يَكُونَ السَّارِقُ عَبْداً لِلمَسْرُوقِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِشَرْعِهِمْ هَذا.
مَعَاذَ اللهِ- نَعُوذُ بِاللهِ مَعَاذاً، وَنَعْتَصِمُ بِهِ.

.تفسير الآية رقم (80):

{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80)}
{الحاكمين}
(80)- وَلَمَّا يَئِسَ إِخْوَةُ يُوسُفَ مِنْ إِقْنَاعِ العَزِيزِ بِأَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ أَخَاهُمْ الصَّغِيرَ لِقَاءَ دَفْعِ أَحَدِهِمْ إِلَيهِ بَدَلاً عَنْهُ، انْتَحَوْا جَانِباً يَتَنَاجَوْنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ. فََقَالَ لَهُمْ كَبِيرُهُمْ، وَهُوَ الذِي أَشَارَ بِأَلا يَقْتُلُوا يُوسُفَ، وَبِأَنْ يَكْتَفُوا بِإِلْقَائِهِ فِي الجُبِّ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَرُدُّنَ عَلَيْهِ ابْنَهُ، وَهَا قَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ، وَقَدْ سَبَقَ أَنْ أَضَعْتُمْ يُوسُفَ، وَأَبْعَدْتُمُوهُ عَنْ أَبِيهِ فَقَاسَى الحُزْنَ الشَّدِيدَ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّنِي لَنْ أَتْرُكَ هَذِهِ الأَرْضُ، وَسَأَبْقَى فِيهَا أََتَتَبَّعُ أَخْبَارَ أَخِينَا الصَّغِيرِ، إِلا إِذَا فَهِمَ أَبِي الوَضْعَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَسَمَحَ لِي بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، وَهُوَ رَاضٍ عَنِّي، أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي بِأَنْ يُمَكِّنَنِي مِنْ أَخْذِ أَخِي، وَالعَوْدَةِ بِهِ إِلَى أَبِينَا. وَاللهُ خَيْرُ الحَاكِمِينَ، لا يَحْكُمُ إِلا بِمَا هُوَ حَقٌّ وَعَدْلٌ، وَهُوَ المُسَخِّرُ لِلأَسْبَابِ، وَالمُقَدِّرُ لِلأَقْدَارِ.
اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ- يَئِسُوا مِنْ إِجَابَةِ طَلَبِهِمْ.
خَلَصُوا نَجِيّاً- انْفَرَدُوا عَنِ الرَّكْبِ يَتَنَاجَوْنَ وَيَتَشَاوَرُونَ.
مَا فَرَّطْتُمْ بِيُوسُفَ- مَا قَصَّرْتُمْ.

.تفسير الآية رقم (81):

{ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81)}
{ياأبانا} {حَافِظِينَ}
(81)- ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَخُوهُمُ الأَكْبَرُ بِالرُّجُوعِ إِلَى أَبِيهِمْ وَبِإِخْبَارِهِ بِمَا حَدَثَ لَهُمْ، حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ عُذْراً لَهُمْ، وَإِنَّمَا رَأَيْنَا صُوَاعَ المَلِكِ يُسْتَخْرَجُ مِنْ رَحْلِهِ، وَلَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ- حِينَما أَعْطَينَاكَ العَهْدَ وَالمَوْثِقَ- أَنَّهُ سَيَسْرِقُ، وَأَنَّهُمْ سَيَأْخُذُونَهُ بِسَرِقَتِهِ.

.تفسير الآية رقم (82):

{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82)}
{وَسْئَلِ} {لَصَادِقُونَ}
(82)- وَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَبْلَغْنَاكَ فَأَرْسِلْ مَنْ يَأْتِيكَ بِشَهَادَةِ أَهْلِ مِصْرَ، وَاسْأَلْ أَنْتَ القَافِلَةِ (العِيرَ) التِي رَافَقْنَاهَا عَنْ صِدْقِ قَوْلِنَا، وَأَمَانَتِنَا فِي حِفْظِ أَخِينَا، وَإِنَّا لَصَادِقُونَ فِيمَا أَخْبَرْنَاكَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ سَرَقَ، وَأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ بِسَرِقَتِهِ.
العِيرَ- القَافِلَةَ.

.تفسير الآية رقم (83):

{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83)}
(83)- فَرَجَعَ الأَبْنَاءُ التِّسْعَةُ إِلَى أَبْيهِمْ، وَتَخَلَّفَ كَبِيرُهُمْ فِي مِصْرَ، وَقَصُّوا عَلَى أَبِيهِمْ مَا حَدَثَ لَهُمْ، وَقَالُوا لَهُ مَا اتَّفَقَ الإِخْوَةُ عَلَى قَوْلِهِ لأَبِيهِمْ. وَخَشِيَ يَعْقُوبُ أَنْ يَكُونُوا فَعَلُوا بِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَا فَعَلُوهُ بِأَخِيهِ يُوسُفَ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ كَرَّرَ نَفْسَ العِبَارَةِ، التِي قَالَهَا لَمَّا أَخْبَرُوهُ عَنْ أَكْلِ الذِّئْبِ يُوسُفَ: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}. ثُمَّ تَرَجَّى اللهُ أَنْ يَرُدَّ أَوْلادَهُ الثَّلاثَة: يُوسُفَ وَشَقِيقَهُ الأَصْغَرَ، وَالأَخَ الأَكْبَرَ الذِي بَقِيَ فِي مِصْرَ يَتَقَصَّى أَخْبَارَ أَخِيهِ الصَّغِيرِ، وَيَنْتَظِرُ أَمْرَ أَبِيهِ، وَاللهُ هُوَ العَلِيمُ بِالحَالِ، وَهُوَ الحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ وَقَضَائِهِ.
سَوَّلَتْ- زَيَّنَتْ وَسَهَّلَتْ.

.تفسير الآية رقم (84):

{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)}
{ياأسفى}
(84)- وَأَعْرَضَ يَعْقُوبُ عَنْ بَنِيهِ، وَقَالَ مُتَذَكِّراً حُزْنَهُ القَدِيمَ عَلَى يُوسُفَ: (يَا أَسَفَا عَلَى يُوسُفَ)، وَجَدَّدَ لَهُ حُزْنَهُ الجَدِيدُ عَلَى ابْنِهِ الأَصْغَر، حُزْنَهُ الدَّفِينَ عَلَى يُوسُفَ، وَعَمِيَتْ عَيْنَاهُ، وَأَصَابَتْهُمَا غِشَاوَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ كَثْرَةِ البُكَاءِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَكْظُمُ غَيْظَهُ عَلَى بَنِيهِ، وَيَحْمِلُ مَصَابَهُ وَهُوَ صَامِتٌ لا يَشْكُو إِلَى مَخْلُوقٍ مَا يُعَانِيهِ.
يَا أَسَفَا- يَا حُزْنِي الشَّدِيدَ.
ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ- أَصَابَتْهُمَا غِشَاوَةٌ فَابْيَضَّتَا.
كَظِيمٌ- مُمْتَلِئٌ غَيْظاً وَحُزْناً وَلَكِنَّهُ يَكْتُمُهُ وَلا يُبْدِيهِ.